الشبكة نيوز :
الأميرة سماح تكتب: بداية من المسرح الإغريقي.. كيف بدأ كل شيء؟!
الأميرة سماح تكتب: بداية من المسرح الإغريقي.. كيف بدأ كل شيء؟!
الشبكة نيوز :
الأميرة سماح تكتب: بداية من المسرح الإغريقي.. كيف بدأ كل شيء؟!
“لم أكن أعرف أنني مريض بالاكتئاب حتى شاهدت مسلسلًا جعلني أرى نفسي في المرآة”.. بهذه الكلمات بدأ الشاب المصري أحمد حديثه لي بعد مشاهدته لمسلسل “في اللا لا لاند”، والذي تناول قضايا الصحة النفسية بجرأة في جلسة علاج نفسي جماعي.
تخيلوا معي مشهدًا دراميًا في مسرح ديونيسوس باثينا، حيث تجمع الآلاف لمشاهدة أعمال سوفوكليس ويوربيديس: “أنتيجون” تقف أمام الملك كريون في تحدٍ صارخ، ليس مجرد صراع بين شخصيات، بل صراع بين القانون والضمير، بين السلطة والقيم. هذا المشهد الذي كتب قبل 2500 عام لا يزال يعيد تمثيل نفسه اليوم في كل ثورة وانتفاضة.
“أكون أو لا أكون”.. ليست مجرد جملة درامية، بل صرخة وجودية صاغها شكسبير قبل قرون، ولا تزال تتردد في عقولنا اليوم، بعدها أعاد الرجل اختراع مفهوم الإنسانية كما نعرفه اليوم، كما يقول الناقد مارك فورنييه؛ صاغ الإنسان المعقد بكل تناقضاته، هاملت بتردده، أوثيلو بغيرته، ماكبث بطموحه المدمر..
لم تتوقف الدراما عند دورها في تسجيل التحولات الاجتماعية والسياسية التي مرت بها المجتمعات المختلفة حين قدمت السينما الأمريكية أعمالًا خالدة مثل To Kill a Mockingbird (أن تقتل عصفورًا محاكيًا)، الذي لم يكن مجرد فيلم روائي، بل درسٌ بليغٌ في العدالة والتمييز العنصري، صاغ وجدان أجيالٍ بأكملها، وغرس قيم الإنصاف والمساواة. و لا حين قدمت السينما الإيطالية تحفتها Bicycle Thieves (لصوص الدراجة)، حيث عبَّرت عن آثار الحرب العالمية الثانية على الفقراء، وأعادت تعريف الإنسانية في ظل القهر الاجتماعي، إنما غيَّرت وجه السياسة والتاريخ حين قدمت فيلم Twelve Angry Men، على سبيل المثال، والذي لم يكن مجرد دراما قضائية، بل درس عميق في قوة الشك والتفكير النقدي، بينما كان فيلم The Pianist، شهادة بصرية على فظائع الحرب وتأثيرها على النفس البشرية، ثم كان أن دفع فيلم Schindler’s List بالمشاهدين إلى إعادة التفكير في معنى الإنسانية في زمن الوحشية.
الدراما المصرية.. من نجيب الريحاني إلى الاختيار
عربيًا، لم يكن تأثير الدراما أقل شأنًا؛ فلطالما كانت الدراما المصرية في طليعة الإنتاج الفني العربي، منذ أن استطاع نجيب الريحاني في أعماله المسرحية والسينمائية تقديم صورة صادقة عن الطبقة المتوسطة، مما جعله رائدًا في الكوميديا الاجتماعية الناقدة، وكذا حين كان يوسف وهبي صاحب السبق في تقديم نماذج درامية تناقش قضايا الشرف، المرأة، والتقاليد الصارمة، كما في فيلم غرام وانتقام.
وفي سبعينيات القرن الماضي، قدَّم يوسف شاهين بيان سياسي عن النضال الفلاحي ضد الظلم الإقطاعي في فيلمه “الأرض”، وتحولت حلقات مسلسل “أبنائي الأعزاء.. شكرًا” إلى جلسات علاج نفسي جماعي للمصريين بعد النكسة، أما على المستوى الشعبي، فلا يمكن إنكار تأثير الدراما الكوميدية في تكوين وعي الطبقات الوسطى، مثلما فعل عادل إمام في “دموع في عيون وقحة”، حين قدّم نموذجًا جديدًا للبطل الشعبي، اختلف تمامًا عن الأبطال التقليديين الذين يعتمدون على القوة الجسدية أو الثروة.
وفي العصر الحديث، أحدث مسلسل “الاختيار” زلزالًا في مفهوم البطولة والوطن والتضحية عند الشباب العربي، بينما قال محمد عبدالله، أحد متعافي الإدمان: ‘مسلسل (ولاد آدم) جعلني أطلب المساعدة”. وفي نوع درامي آخر، برزت أعمال مثل “سابع جار”، الذي أعاد تقديم مفهوم الحارة المصرية بعيدًا عن التنميط التقليدي، ودون افتعال، مما جعله تجربةً دراميةً صادقةً ومؤثرةً في الأوساط العائلية،
دراما.. ما نزرعه اليوم نحصد أثره غدًا
من “أوديب”، إلى “الاختيار”، ومن شكسبير إلى “ليالي الحلمية”، تظل الدراما ذلك الكائن الحي الذي يتنفس هموم الناس، وينبض بأحلامهم، ويظل ما نزرعه اليوم من قصصٍ وحكايات، نحصد غدًا ثماره وعياً وسلوكاً ومصيراً.
يقول المخرج الإيطالي فيدريكو فيليني: “السينما هي الحياة، لكنها معروضة بسرعة 24 إطارًا في الثانية.”هكذا لم يعد السؤال: ماذا تقدم الدراما؟ بل: كيف تُستخدم الدراما لعرض الحياة؟ أتصور أن الجواب بين يدي كل فنانٍ يدرك أن الكاميرا ليست عدسةً تسجل، بل بندقيةٌ تصوّب إلى المستقبل، وليكن هذا المستقبل الذي نصنعه عبر الدراما أكثر وعيًا، أكثر إنسانية، وأكثر قدرة على إحداث الفرق.
الشبكة نيوز :
الأميرة سماح تكتب: بداية من المسرح الإغريقي.. كيف بدأ كل شيء؟!
الشبكة نيوز :
الأميرة سماح تكتب: بداية من المسرح الإغريقي.. كيف بدأ كل شيء؟!
#الأميرة #سماح #تكتب #بداية #من #المسرح #الإغريقي #كيف #بدأ #كل #شيء