الشبكة نيوز : التكنولوجيا والصحة النفسية: كيف تؤثر على الجيل الحالى؟

أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الشباب اليومية، ويمتد تأثيرها إلى كافة تفاصيل يومهم، من الدراسة إلى العلاقات الاجتماعية وحتى النوم، ورغم ما تقدمه من فرص هائلة للتواصل والتعلّم والترفيه، إلا أن آثارها النفسية بدأت تثير القلق لدى المختصين، خاصة بعد تزايد حالات القلق والعزلة واضطرابات المزاج بين الشباب.

في عالم التواصل الرقمي، يجد كثير من الشباب أنفسهم عُرضة للمقارنة المستمرة مع الآخرين، منصات التواصل الاجتماعي أصبحت مرآة زائفة تعكس “الكمال” وتغذّي شعور النقص لدى المتابعين، مما ينعكس على ثقتهم بأنفسهم ويولّد حالة من القلق والإحباط.

كما باتت الصور المعدلة والفيديوهات القصيرة التي تُظهر حياة مثالية تؤدي إلى شعور داخلي بأن الحياة الشخصية لا ترتقي للمستوى المطلوب، ما يترك أثرًا سلبيًا طويل الأمد على الصحة النفسية.

من جهة أخرى، يشكّل الإدمان على استخدام الهواتف الذكية والتطبيقات الرقمية مصدرًا مستمرًا للتوتر.

يقضي الكثير من الشباب ساعات طويلة يوميًا أمام الشاشات، في ما يُعرف بالإدمان الرقمي، وهو نوع من الاعتماد النفسي الذي قد يتسبّب في فقدان التركيز، وتدهور جودة النوم، وتراجع العلاقات الواقعية.

وفي الوقت الذي تُوفّر فيه هذه التطبيقات تواصلاً دائمًا، فإنها تسهم في شعور المستخدمين بالوحدة، إذ لا يمكن للتفاعل الرقمي أن يُعوض التفاعل الإنساني الحقيقي.

كذلك، يؤثر الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية على نمط النوم لدى الشباب، بسبب التعرض للضوء الأزرق المنبعث من الشاشات، خاصة قبل النوم، وهذا التأثير يخلّ بجودة النوم ويؤدي إلى الإرهاق الذهني والنفسي، مما ينعكس على التحصيل الدراسي والمزاج العام.

للحد من هذه التأثيرات، يُعد التوازن هو الحل الأمثل، من الضروري توعية الشباب بأهمية تنظيم وقت استخدام الأجهزة، وتحديد ساعات محددة للتكنولوجيا، مع تخصيص وقت للأنشطة الواقعية مثل الرياضة أو القراءة أو التواصل الأسري، كما يجب على الأهل والمؤسسات التعليمية أن يلعبوا دورًا في بناء وعي رقمي حقيقي لدى الشباب، لتوجيههم نحو استخدام صحي للتكنولوجيا يحافظ على سلامتهم النفسية والعقلية.

في النهاية، لا يمكن إنكار الفوائد الكبيرة التي توفرها التكنولوجيا، لكن الاستخدام غير المتوازن يمكن أن يحوّلها من أداة مفيدة إلى مصدر ضغط نفسي حقيقي. التحدي اليوم ليس في رفض التكنولوجيا، بل في استخدامها بذكاء، لحياة رقمية أكثر توازنًا وصحة.