الشبكة نيوز :
ليلى عبد المجيد تكتب: الدراما التليفزيونية بين حرية الإبداع والمسئولية الاجتماعية
ليلى عبد المجيد تكتب: الدراما التليفزيونية بين حرية الإبداع والمسئولية الاجتماعية
الشبكة نيوز :
ليلى عبد المجيد تكتب: الدراما التليفزيونية بين حرية الإبداع والمسئولية الاجتماعية
تعد الدراما التليفزيونية شكلا من أكثر الأشكال الفنية القادرة على جذب اهتمام المشاهدين، خاصة أنهم يتفاعلون مع أحداثها ويندمجون مع شخصوها وأبطالها كما أنها أيضا الأكثر من حيث حجم المشاهدة وقوة في التأثير.
فالدراما تقوم على تجسيد المواقف والأحداث على الشاشة وتقديم نماذج سلوكية إيجابية أو سلبية يكون لها تأثير بدرجات مختلفة على المشاهدين إذ تؤثر على رؤيتهم للأمور وفي أفكارهم ومواقفهم وسلوكياتهم، وقد أثبتت العديد من البحوث والدراسات التي أجريت في مصر وفي دول العالم الأخرى أنها تؤثر غالبا بشكل تراكمي في بعض الحالات بشكل سريع، ولعل أكثر المتأثرين بها غالبا من الأصغر سنا ومن النشء والمراهقين.
وتكمن خطورة ذلك فى إعجاب بعض هؤلاء المشاهدين بالبطل أو بشخوص أخرى في العمل الدرامي وربما يحاول بعضهم محاكاته وتقليد سلوكه في حياتهم لا سيما إن كان هذا النموذج الذي تطرح بعض المحتوى أو القيم أو السلوكيات لا تتوافق مع قيم المجتمع المقبولة والمتفق عليها بين أفراد هذا المجتمع خلال فترة زمنية معا أو تتنافى مع اللياقة والذوق العالم.
وإذا كانت الأعمال الدرامية كالمسلسلات تهدف إلى تحقيق المتعة والترفيه للمشاهدين لها إلا أن هذا أيضا بالنسب للدراما والتليفزيون غير كاف إذ إن الدراما تملك قدرة التأثير على المشاهدين والتأثير فى أفكارهم وآرائهم وسلوكياتهم وفي اكتسابهم بعض القيم.
ومن هنا فالمتوقع من الدراما التليفزيونية أن يكون لها رؤية واضحة مبنية على تأكيد القيم المطلوبة والمرغوبة في المجتمع وتقديم نماذج إيجابية للسلوك قابلة للمحاكاة ومواجهة بعض الظواهر السلبية في المجتمع وغرس قيم إيجابية ولدينا الكثير من النماذج الخالدة في هذا المجال، مثل رأفت الهجان، وضمير أبلة حكمت، والعائلة، ويوميات ونيس، والشهد والدموع، وهذا بالطبع لم يكن بشكل مباشر أشبه بالنصح ولكن من خلال الأدوات والأساليب والمهارات الفنية التي تقدم وذلك بشكل غير مباشر.
وإذا كنت ممن يؤيدون أن للدراما التليفزيونية قدرة على التأثير في مشاهديها والمثال الواضح على ذلك تأثير تشجيع العنف وانتشارها في مشاهديها، وقد اتفقت الكثير من البحوث على ذلك غير أنه لا بد من التأكيد أن هذا التأثير نسبي ويختلف من مشاهد لآخر، ويرجع ذلك إلى مدى الاستعداد الشخصي للمشاهد والظروف البيئية المحيطة به اجتماعيا وثقافيا.
هذا كله يدفعنا للبحث عن آليات ليس من بينها طبعا الرقابة التي أصبحت أسلوبا مهجورا بل إنها لم تعد مجدية في ظل العصر الرقمي وانتشار منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الرقمية.
والحقيقة أن الأعمال الدرامية التي تقدم في شهر رمضان الذي يحظى بأكثر نسبة مشاهدة قياسيا لكل الفترات الأخرى من العام، ومن هنا يكون ما يقدم خلال هذا الشهر مسارا للنقاش والجدل حول قيمته الفنية وجودته الإنتاجية، فضلا عما يطرحه من محتوى وأسلوب المعالجة لهذا المحتوى.
ومن متابعتي لبعض الأعمال الدرامية التي قدمت في رمضان الحالي وبالطبع لم أستطع أن اتباعها جميعها لكثرة عددها، إذ يقارب أو ربما يزيد عن 40 عملا دراميا من بينها عدد كبير من الأعمال أنتجتها أو شاركت فى إنتاجها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أو عرضت على شاشاتها، وأشهد أن هناك بعض الأعمال المتميزة من حيث المحتوى والقيمة الفنية، على سبيل المثال مسلسل كامل العدد الذي أسعدني لأنه في هذا العام والعام السابق أعاد لنا دراما كنا قد حرمنا منها لفترة طويلة وهي الدراما الأسرية التي تتناول مشكلات الأسرة والعلاقات المتشابكة داخلها، خاصة أنني أخشى على مؤسسة الأسرة من ضعف ولن أقول غياب دورها في التنشئة الاجتماعية، خاصة مع العصر الرقمي الذي نعيشه والأجيال الحالية وأجيالا رقية تعيش قليلا في عالمها الواقعي وتعيش وقتا أطول في عالمها الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومع روبوتات الذكاء الاصطناعي.
وكذلك مسلسل حسبة عمرى والذى يتناول قضية جديرة بالمناقشة وتتمثل في حق الزوجة في ثروة زوجها التى حققها الزوجين معا إلى جانب مسلسل “ولاد الشمس”، ومسلسل “عايشة الدور”، وأعتقد أنه رغم ذلك هناك الكثير من الطموح التطوير الدراما التليفزيونية المصرية لتصبح أكثر جودة من حيث المحتوى والمستوى التقني، وحل المعضلة التى كثيرا ما تثار حول العلاقة بين حرية الإبداع والمسئولية المجتمعية للمبدع.
ومن هنا أطرح بعض التساؤلات التي أرى أنها جديرة بالحوار والبحث الموضوعي والجاد:
هل مطلوب أن ترحب بالأعمال الدرامية التي تدعو أو تشجع على الانحلال والابتذال والخروج عن الآداب والاخلاق العامة؟
هل من الطبيعي أو المقبول أن تتضمن الأعمال الدرامية ما هو مستهجن من جانب قيم المجتمع ومعاييره؟
هل نوافق على أن يكون العمل الدرامي خاليا تماما من أية قيمة اجتماعي أو علمية أو فنية؟
أيجوز السماح بأن يتضمن العمل الدرامي ما يستمر إلى يسيء الذوق العام واللياقة مثل استخدام الألفاظ المسفة أو المبتذلة أو يخدش الحياء أو تسىء للدين؟
هل مقبول أن يشجع العمل الدرامي على العنف أو ارتكاب الجريمة أو تقديم المجرم أو البلطجي على أنه بطل؟
هل تنميط بعض النماذج البشرية بشكل مشوه والتركيز ذلك بشكل مستمر يعد أمرا عاديا ولا ضرر منه؟
والسؤال الأهم:
هل حرية الإبداع تتعارض مع المسئولية الاجتماعية للمبدع؟
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025
الشبكة نيوز :
ليلى عبد المجيد تكتب: الدراما التليفزيونية بين حرية الإبداع والمسئولية الاجتماعية
الشبكة نيوز :
ليلى عبد المجيد تكتب: الدراما التليفزيونية بين حرية الإبداع والمسئولية الاجتماعية
#ليلى #عبد #المجيد #تكتب #الدراما #التليفزيونية #بين #حرية #الإبداع #والمسئولية #الاجتماعية