التخطي إلى المحتوى

الشبكة نيوز :
معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية

الشبكة نيوز : 
                                            معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية
الشبكة نيوز :
معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية


الشبكة نيوز :
معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية

عمر الشريف (1932-2015) لم يكن مجرد نجم سينمائى، بل كان ظاهرة ثقافية تُجسد التوترات العميقة بين الهوية العربية وآليات الفن الغربى، فقد تجسد في شخصه تحدي الشرق والغرب، ليكون جسرًا بين عالمين متناقضين، طوال مسيرته، حمل على عاتقه عبء التوقعات المجتمعية، واختار أن يسير في مسار التحدي والمجد، رغم سقطاته.

عمر الشريف (5)
عمر الشريف

في قصته، تتداخل خيوط النجاح والإخفاق، الثروة والفقر، الحب والخيانة، ليصنع بذلك رواية عن رجل عاش حياته على حافة الأسطورة، في عالم قاسٍ لا يعرف الرحمة.

كان الشريف بمثابة جسر بين الشرق والغرب، لكنه في ذات الوقت أسير هذه المسافة التي تفصل بين عالمين متناقضين، هي مسافة شُيّدت من الصور النمطية والضغوط الثقافية والنفسية التي عاشها كلما انتقل من القاهرة إلى لوس أنجلوس، ومن المهرجانات العربية إلى الغربية، من القاهرة إلى باريس، ومن فاتن حمامة إلى باربرا سترايسند، ومن أدوار البطولة إلى حياة القمار، كانت هذه هي القصة الكاملة لرجل اختار أن يعيش خارج حدود المألوف.

عمر الشريف (1)
عمر الشريف

في كثير من الأحيان، كان الإعلام العربي يسارع إلى وضع اسم عمر الشريف في العناوين الرئيسية بمجرد ظهوره في عمل جديد أو فيلم هوليوودي، هذا التفاعل كان نوعًا من الاحتفاء المستمر بأحد أعظم النجوم العرب الذين دخلوا عالم هوليوود، ولكن ليس كل من حاول السير على خطاه استطاع تكرار نجاحه، فالشريف كان النجم الوحيد الذي حقق توازنًا صعبًا بين الشرق والغرب، وظل رمزًا فنيًا لا يُنسى في ذاكرة العرب والعالم.

عمر الشريف (3)
عمر الشريف

منذ صغره، كان يحمل حلمًا كبيرًا، في مذكراته “The Eternal Male”، يستعيد لحظة التنبؤ بمصيره قائلاً: “قالت العرافة لأمي: “ابنك سيسافر بعيدًا ويصير أشهر من نار على علم”… ربما كانت أمي تريد تصديق ذلك فصنعته”. كانت تلك النبوءة الشرارة الأولى لمسار طويل، آمنت والدته بها، فساعدته على متابعة حلم النجومية.

في عام 1942 التحق بمدرسة فيكتوريا كوليدج، إحدى أبرز المدارس الإنجليزية في مصر، حيث لم يكتسب فقط اللغة الإنجليزية، بل فقد 20 كيلو جرامًا من وزنه، في تحوّل جسدي ونفسي مكّنه من السعي وراء العالمية. ثم انتقل إلى إنجلترا لدراسة التمثيل، لكن نجوميته لم تنتظر طويلاً، حيث اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلم “صراع في الوادي”، ومن هنا، انطلقت رحلته الكبرى التي قادته إلى “لورنس العرب”، فحقق نجاحًا عالميًا غير مسبوق لفنان عربي،
لكن حياته العالمية لم تكن خالية من التحديات، على الرغم من الشهرة التي حققها، عاش الشريف صراعًا مستمرًا بين حلمه بالنجومية وعلاقته العائلية، وخاصة مع فاتن حمامة. كان يعيش في صراع دائم بين حبه لها ومتطلبات الحياة المهنية في هوليوود. ورغم انفصاله عنها، بقي ارتباطه العاطفي بها حتى آخر أيامه.

عمر الشريف (2)
عمر الشريف

ورغم علاقاته النسائية المتعددة، صرح الشريف مرارًا بأنه لم يعرف الحب الحقيقي إلا مع فاتن، تلك العلاقة التي كانت محورية في حياته، شكلت له نموذجًا مثاليًا للحب، لكن الضغوط المهنية والشهرة جعلت من الصعب الحفاظ على هذا النموذج.

ومع الشهرة جاءت التضحيات، ففي أحد حواراته، كشف ابنه طارق عن خسارة حصيلة 9 شهور عمل في الأفلام في ليلة واحدة في باريس عام 1974، حيث كان يلعب القمار ليهرب من شعوره بأنه “عربي منبوذ” في هوليوود، بين عامي 1975 و1979، عاش الشريف سنوات قاسية دون عمل، ولا يملك ما يعين حياته. حتى أنه قال إنه كان يكاد يموت جوعًا، مما يعكس حجم الضغوط النفسية التي كان يعاني منها رغم بريق الشهرة.

عمر الشريف (4)
عمر الشريف

في تلك الفترة اضطر الشريف إلى قبول أدوار لم تكن تليق بمكانته، مثل فيلم “أشانتي” (1979)، الذي لاقى انتقادات شديدة في العالم العربي، بل وضعه على القائمة السوداء لمدة ثلاث سنوات، كان المبلغ المالي المغري هو السبب الرئيس لقبوله هذا الدور، رغم انتقاداته للأدوار التي لا تليق بمستوى فنان عالمي مثله.

الضغوط على الشريف لم تقتصر على هذا الجانب فقط، بل تعرض أيضًا لانتقادات لاذعة بعد نكسة يونيو 1967. في تلك الفترة، كان مضطرًا إلى توقيع عقد احتكار مع شركة “كولومبيا”، والذي وصفه لاحقًا بـ “عقد العبودية”، حيث كان يتقاضى مبلغًا ضئيلًا رغم النجاح العالمي الذي حققه. واصل أداء الأدوار المفروضة عليه، بينما كان الإعلام الغربي يستغله كنموذج للعربي الذي “تخلى عن أرضه من أجل المجد في بلادهم”.

ومع مرور الوقت أصبحت تصريحات عمر الشريف المثيرة للجدل محط اهتمام الإعلام العربي. فعلى سبيل المثال، عندما تم ترشيحه لرئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، أطلق تصريحًا صادمًا حول إمكانية نقل المهرجان إلى طابا واستضافة فنانين إسرائيليين، مما أدى إلى حملة إعلامية واسعة ضده، وحرمانه من المنصب. كما تناولت وسائل الإعلام بعض فقرات مذكراته الشخصية بشكل ساخر، مما أسهم في تشويه صورته في العالم العربي.

ورغم أزماته المتعددة، حاول الشريف تأمين مستقبله المالي. فاستثمر في شراء كازينو في فرنسا، ولكن هذا المشروع انتهى بمأساة أخرى بعد أن صادرت السلطات الفرنسية الكازينو لسداد الضرائب المتراكمة عليه.

لكن رغم هذه الصعوبات، ظل عمر الشريف مخلصًا لحلمه. كانت مسيرته مليئة بالانتكاسات، لكنها كانت أيضًا غنية بلحظات النجاح الكبير. فظل عمر الشريف أحد أبرز الشخصيات في السينما العالمية ورمزًا للأمل بالنسبة للكثير من العرب الذين حلموا بالنجاح العالمي.

عاش عمر الشريف بين فترات من التوهج والظلال، ولكن كان دائمًا حريصًا على البقاء مخلصًا لجذوره. حتى عندما تعرض لانتقادات بسبب مشاركته في أفلام مع ممثلين يهود، كان يؤكد أنه مصري، وواجه تلك التحديات بكلمات قوية تؤكد انتماءه وهويته.

وفي الختام يظل عمر الشريف واحدًا من أبرز الأسماء في تاريخ السينما. ليس فقط لأنه شارك في أفلام عالمية، بل لأنه كان جسرًا بين الثقافات المختلفة، ولا يزال إرثه حياً في عالم الفن. سيبقى في ذاكرة محبيه كنجم عربي فريد، نجح في تجاوز الحدود والصعوبات ليحقق مكانًا له في سماء العالمية.

الشبكة نيوز :
معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية

الشبكة نيوز :
معتمد عبد الغنى يكتب: عمر الشريف.. ثمن العالمية بين الاستشراق والهوية
#معتمد #عبد #الغنى #يكتب #عمر #الشريف #ثمن #العالمية #بين #الاستشراق #والهوية